جمع الكاتب في هذا الكتاب وصايا الملوك وأبناء الملوك من ولد قحطان، بادئاً بمواعظ «هود» لقومه ووصيته لهم، ومنتهياً بوصايا آخر ملوك الغساسنة في بلاد الشام، كما اشتمل الكتاب على الكثير من شعر هؤلاء الملوك وأبنائهم.
يبدأ الشاعر دعبل بوصية هود النبي عليه السلام إلى بنيه فقال لهم: يا بني أوصيكم بتقوى الله وطاعته والإقرار بالوحدانية له، وأحذركم الدنيا فإنها غرورة خادعة غير باقية عليكم ولا أنتم باقون عليها، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون ولا يفتنكم الشيطان، إنه لكم عدو مبين ثم أقبل على قومه «عاد» يوصيهم بما وصى به بنيه..... فكان ردّهم عليه: يا هود ما جئتنا بينه وما نحن بتاركي آلهتنا وما نحن لك بمؤمنين.
ثم يورد أبياتاً قالها «قحطان بن هود « النبي تصور ما كان عليه هود من الكآبة والجزع والقلق.
إني رأيت أبي هوداً يؤرقه
همٌّ دخيل وبلبال وسهاد
لا يحزنك أن خصّت بداهية
عاد بن لأوى، فعاد بئس ما عاد
ومن وصية «تبع بن عمرو» لابنه حسان ملك يكرب:
يا بني إن الملك صنعة، والملك صانع، فإن قام الصانع حق قيامه على صنعته استجادها الناس له، واستحكم أمره، فكسب بها المال والجاه، وكانت له عدة وذخيرة، وإن استهان بها، ولم يقم حقّ قيامه عليها، ذهبت الصنعة من يده وانقطعت منافعها عنه، واكتسب الذم لنفسه والحرمان، وكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ثم أنشد من البسيط:
ما زلت بعد أبي بالملك منفرداً
أسوسه بعد أسلافي وأجدادي
أحمي محاسنه جهدي وأكلؤه
دهري واحكمه بعدي لأولادي
ومن وصية «معاوية الأكرمين» وهو جد الملوك قد أوصى بنيه فقال لهم: يا بني احسنوا مولاة من والاكم، واجتهدوا في معاداة من عاداكم، أما من عاداكم فأسهدوا ليله، وأخيفوا نهاره، وكونوا أمامه ظلاماً، ووراءه أفاعي، وعن يمينه وشماله أسداً، افترسوه في الليل إذا تعشى، وانتهموه في النهار إذا تخلّى، فإن تركه إياكم ليس من شفقة به عليكم، ولكنه ينتظر الفرصة فيكم ليثب وثبة الخادم على الضالة في مرصده، وأما من ولاكم فارعوا ليله، واحفظوا نهاره، وكونوا له حصناً ساطعاً وركناً مانعاً وعيشاً هامعاً.