من المعلوم للقارئ أن "ملحة الإعراب وسنحة الآداب" للعلامة المحقق الشيخ "القاسم الحريري" صاحب المقامات من المنظومات القيمة، والمصنفات المهمة في عالم العربية إذ لها بين أراجيز النحو المرتبة الأولية وغير خاف إن المبتدئ يجد فيها من سهولة الوضع، وسلامة المعنى، وجلب الأمثلة ما لا يجد في غيرها، فقد التزم النظم في هذا الكتاب أن يأتي في آخر كل باب بمثال يوضحه، ويصغه فوق عود التمام لمن يتفهمه بعد إيراد الأحكام، والشروط مستوفاة، فأصبحت الملحة بهذا الأسلوب العجيب، والتصنيف الحسن الغريب.
أقرب طريق لرسوخ قواعد النحو في أذهان المبتدئين، وأسهل مسلك لتقريب أولياته لمتناول اليد منهم، فتنبه سماسرة العربية لهذه المميزات المذكورة فاعتنوا بكتاب الشروح على هذه الأرجوزة، وعلّقوا عليها الحواشي المتنوعة، لكن تلك الشروح كلها والحواشي جمعيها ما عدت حدّ التحليل اللفظي، وهذا ما دعا المؤلف محمد العاقب لبن سيد محمد السوسي المدير العام لمدارس التهذيب الإسلامية بمدينة سيفو - جمهورية مالي إلى وضع دراسته التي بين يدينا والتي جاءت بمثابة مرشد للطلاب إلى مُلحة الإعراب، وقد اعتنى فيها بأن يفتتح كل باب من أبواب الكتاب فيعرفه بتعريف واضح، ثم يعرب أبيات الباب إعراباً تاماً بحيث لا يُهمل منها لفظة والتزم بأن يأتي في آخر كل باب ببيت شاهد من أشعار العرب الأوّل المستشهد بكلامهم، فيفسر لغته،ويذكر معناه، ثم يعربه، ويبين محل الشاهد منه.
وتوخى جهده تخيّر تلك الشواهد من أبيات الحكمة والأدب ليتزود منها الطلبة، ويتخلّقوا من ذلك بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالخيرات الجمّة، هذا ولم يُحلِ صفحات الكتاب من بعض الفوائد النحوية مما لا يستغني عنه طالب العربية